جلسة افتتاح السينودس الكلداني 9 آب 2021، بغداد

جلسة افتتاح السينودس الكلداني 9 آب 2021، بغداد

إعلام البطريركية

افتتح السينودس الكلداني صباح الاثنين 9 آب 2021 في الصرح البطريركي في المنصور ببغداد. رتَّل جميع الأساقفة صلاة الصباح ثم احتفلوا معاً بالقداس اليومي. بعدها توجّه الجميع الى قاعة مار توما في البطريركية حيث تُعقد الجلسات. إستعرض غبطة البطريرك الكاردينال لويس روفائيل ساكو في بداية الجلسة الافتتاحية جدول الاعمال، والرسائل الواردة الى البطريركية، تلتها كلمة الافتتاح، بعدها استمرت المناقشة طوال الصباح.

اليكم كلمة البطريرك ساكو في إفتتاح السينودس

إخوتي الأجلاء

عليكم النعمة والسلام من لدُن الله أبينا، ومن لدُن ربنا يسوع المسيح” (رومية 1/7)

أحييكم جميعاً، ويسعدني أن نعقد سينودسنا السنوي الدوري ببغداد، بعد انقطاع سنة كاملة، لتفاقم الوضع بسبب جائحة كوفيد-19.

كلي ثقة بأن هذا السينودس سيبعث الأمل في قلوب مؤمنينا، ويرفع من معنوياتهم وسط همومهم، ويقلل معاناتهم وشجونهم، ويتجاوب مع تطلعاتهم.

  • يسرني ان اُشير الى أهمية زيارة البابا فرنسيس للعراق. هذه الزيارة التي شكَّلت محطة هامة في تاريخنا الحديث، وفتحت العراق على الساحة الدولية. رسائل البابا فرنسيس ولقاءاته أعطت السلام والعيش المشترك المتناغم فرصة نأمل الا نفوّتها. بالنسبة للكنيسة فقد سجّلت الزيارة لحظة تاريخية، عندما احتفل البابا بالقداس حسب طقسنا الكلداني في كاتدرائية مار يوسف ببغداد، وأشاد به بالقول: “ما أجملها من صلاة”. هذا الاحتفال تعبير عن مكانة وأهمية الكنائس الشرقية في الكنيسة الجامعة. وقوله: “أنتم كنيسة حيّة وقويّة”، دافع لتجديد التزاماتنا الكنسية والانسانية والوطنية. كذلك الاحتفال المهيب في ملعب فرنسو حريري في أربيل، حيث حضره عشرة آلاف شخص بضمنهم المسؤولين، فضلاً عن مؤمنين من كنائس وديانات اخرى.
  • وسط عدم اليقين وانعدام الاستقرار الاجتماعي والسياسي التي يعيشها مواطنونا في العراق وفي البلدان الاخرى التي نعمل فيها، يتحتم علينا ان نسير معاً بشركة تامة كما تعنيها كلمة السينودس، وان نكون قريبين من الناس ونستقبلهم ونصغي اليهم ونخدمهم بمحبة المسيح ووداعته وبشكل ملموس. نحن رعاة وآباء وإخوة لهم، نجيب على تساؤلاتهم وحاجاتهم بصدق ووضوح واحترام، وان تاتي اجوبتنا ملائمة، بحيث يشعرون اننا نحمل لهم سراج نور المسيح، لا أجوبة جاهزة قديمة لا تتماشى مع تطلعاتهم. نحن الأساقفة مدعوون بحكم موقعنا وتكريسنا، ان نقرأ علامات الازمنة وان نعكس خبرة إنجيلية صادقة، وان نواصل خدمتنا على المستوى الروحي والراعوي والتعليمي بحماسة. هذا لن يتم الا من خلال تعزيز علاقة شخصية حميمية وثيقة مع من دعانا وارسلَنا، والعودة المستمرة اليه.
  • اشدد على الحاجة إلى “التجديد والإصلاحات” من خلال متابعة كهنتنا ومكرَّسينا ومؤمنينا بتجديد الفكر والروحية والانفتاح على العالم. وفي هذه الأوضاع الصعبة والمقلقة وجائحة كورونا، لا قوة لنا غير إيماننا وصلاتنا لتخطِّيها والعبور الى فضاءات أكثر رحابة ورجاء توطّد تضامننا.
  • من أولوياتنا، متابعة تنشئة الاكليروس، تنشئة كهنوتية شاملة وراسخة، تمكّنهم من القيام برسالتهم الراعوية على أحسن وجه، وان يكونوا مثالاً للالتزام الثابت بالإنجيل وخدمة رعاياهم بتواضع وبساطة وأمانة. أود الاشارة، إلى أهمية التعامل مع الكهنة بكيَاسة، ومحبة انجيلية، أما ترون أنه امر محزن، بأن يتداول الناس، سوء تفاهم علني بين الكهنة وبين الأساقفة؟
  • بخصوص اختيار أساقفة جُدد لا بدّ أن نؤكد على أهمية أن يكون المرشَّح ممّن له الصفات المطلوبة وفقاً للشروط التي حددتها قوانين الكنيسة الكاثوليكية ومجموعة قوانين الكنائس الشرقية الكاثوليكية (ق 180-189) وأيضاً التعليمات التي أصدرها مجمع الأساقفة الكاثوليك والتي اُرسلت اليكم. هذه المعايير الروحية والثقافية والراعوية والادارية مطلوبة ليكون الاُسقف شخصاً قيادياً في أبرشيته، قادراً على إتّخاذ القرار المناسب، لتقدمها وازدهارها في جميع المجالات.
  • تجديد الطقوس وأسلوب التعليم المسيحي. لقد فرضت وسائل التواصل الاجتماعي (social medias) وجائحة كورونا واقعا جديدا على البشرية: رؤية جديدة وفكر جديد، ومنطق جديد وحساسية جديدة وتعامل جديد. على اثرها تراجعت نسبة الممارسين للطقوس الدينية والمشاركين في دروس التعليم المسيحي، لكن ثمة عائق آخر هو أن طقوسنا الحالية تعود إلى أكثر من ألف سنة، البعض منها ولد في بيئة جدلية كريستولوجية. المضمون أحيانا واللغة واسلوب الأداء لا يرتبط بحاضر معاصرينا وحساسيتهم وظروفهم. فمن غير المنطقي التمسك بحذافير هذه الطقوس. ونحن نواجه مثل هذه التساؤلات: ما هي نظرتنا للمستقبل؟ وما هي استراتيجيتنا للمرحلة القادمة؟ لا بد من التلاقح الثقافي، وان تعتمد الكنيسة عملية التأوين والتجديد لتُغذي المؤمنين في حياتهم اليومية وتثريها روحياً، بعيداً عن الرتابة والمحفوظات، انطلاقاً من حقيقة أن الطقوس هي لهم كما يقول القديس يوحنا الذهبي الفم (توفي 14/9/407)، وهي وسيلة لا غاية. علينا أن نفكر بالشباب والجماعات الكلدانية التي ولدت في الغرب والتي لا تعرف هذه الطقوس ولا ينجذب اليها الشباب لانها لا تتناسب مع حاضرهم ولغتهم ومنطقهم وثقافتهم. الترجمة وحدها لا تكفي مهما كان نوع إعدادها ومضمونها. الطقوس تتجدد وتتطور بتبدل الزمان والمكان. ولابد من تثقيف المؤمنين وتوعيتهم باهمية الطقوس ومعانيها ورموزها والمشاركة في أدائها. وهذا يسري ايضاً على مناهج التعليم المسيحي وشكل التعليم واسلوبه. وهذا في الوقت عينه، يدعونا الى الصبر والتفهّم الحكيم في التنشئة، تجاه الذين يعترضون على الجديد، ويستكينون إلى القديم.
  • علينا بقراءة متأنية وعميقة وليس قراءة نمطية للأوضاع في معظم بلداننا وخصوصاً وضع مسيحيينا الذين يتعرضون لضغوطات عديدة وبسبب الهجرة المتزايدة وتناقص عددنا. على الكنيسة الا تلعب دوراً سياسياً متحزباً، بل تعمل، بشجاعة رسولية ومسؤولية، على إستنارة الضمائر حول قضايا السلام والعدالة الاجتماعية والمواطنة والهجرة بسبب فقدان الأمل بالمستقبل، والتبدلات المناخية. رسالة الكنائس هي أيضا الصوت المطلوب في زرع بذور الاخوّة والمحبة والسلام والأمان والتضامن والتعاون بفرح وتنادي بالعدل. لقد حاولت منذ تسنمي المسؤولية ان تكون الكنيسة حاضرة في حياة المجتمع العراقي وايضاً في المحافل الدولية والكنسية. من الأهمية بمكان تقوية حضور كنيستنا الكلدانية في العراق، هنا مستقبلها بسبب الأرض واللغة والتاريخ والتراث…

أخيراً أتمنى ان ينير هذا السينودس الدرب في خدمة رعايانا بتجرد وحكمة، وان يكون أرضية امل وعمل والتزام وثبات آخذين بنظر الاعتبار ما لكنيستنا من شهداء وما تحمله في جسدها من ألم ووجع عبر التاريخ، ومن قوة القيامة كما حصل للمسيح بعد الآمه.