البابا للشباب في مديوغوريه: اتبعوا المسيح بشجاعة وفرح

البابا للشباب في مديوغوريه: اتبعوا المسيح بشجاعة وفرح

البابا للشباب في مديوغوريه: اتبعوا المسيح بشجاعة وفرحفرنسيس يوجه رسالة إلى المشاركين في مهرجان الشباب في مديوغوريهفاتيكان نيوز :

تُعقد في مديوغوريه من 1 حتى 6 آب الدورة الثانية والثلاثون لمهرجان الشباب Mladifest.

ولهذه المناسبة وجه قداسة البابا فرنسيس رسالة إلى المشاركين في المهرجان تحدث فيها عن أسبوع مكثف من الصلاة ولقاء يسوع المسيح، وخاصة في كلمته الحية، في الإفخارستيا، التعبد وسر المصالحة. وتابع أن هذا الحدث، وحسب خبرة الجميع، يجعل الشباب في مسيرة نحو الرب، وهذه هي الخطوة الأولى التي قام بها الشاب الغني حسب ما قال البابا فرنسيس. لقد دنا الشاب الغني من يسوع، بل أسرع نحوه، ممتلئا بالحماسة والرغبة في لقاء المعلم ليرث الحياة الأبدية. وواصل البابا فرنسيس أن الجملة محور مهرجان هذا العام هي تحديدا “ماذا أَعمل لأرث الحياة الأبدية؟”، وأضاف قداسته أن هذه كلمات تضعنا أمام الرب الذي يحدق إلينا ويحبنا ويدعونا: “تعالَ فاتبعني” (متى ١٩، ٢١).

وتابع قداسة البابا إن الإنجيل لا يخبرنا باسم هذا الشاب ويعني هذا أنه يمكن أن يمثل كلا منا. وأضاف إن هذا الشاب، وإلى جانب امتلاكه خيورا كثيرة، يبدو مهذبا ومتعلما ويحركه قلق يحثه على البحث عن السعادة الحقيقية، الحياة الكاملة، ولهذا يسير للقاء مرشد قوي يتمتع بالمصداقية والثقة، وقد وجده في شخص يسوع المسيح، ولهذا يسأله (أَيُّها المُعَلِّمُ الصَّالح، ماذا أَعمَلُ لأَرِثَ الحَياةَ الأَبَدِيَّة؟” (مرقس ١٠، ١٧). إلا أن هذا الشاب، واصل الأب الأقدس، يفكر في شيء يحصل عليه بقوته بينما يجيبه الرب بسؤال آخر “لِمَ تَدْعوني صالِحاً؟ لا صالِحَ إِلاَّ اللهُ وَحدَه” ١٠، ١٨). وهكذا يوجهه يسوع نحو الله الذي هو الخير الوحيد والأسمى الذي يأتي منه كل خير آخر. وتابع البابا فرنسيس أن يسوع، وكي يساعد هذا الشاب على الوصول إلى ينبوع الصلاح والسعادة الحقيقية، يرشده إلى الخطوة الأولى في المسار، أي تعلُّم عمل الخير للقريب: “فإِذا أَرَدتَ أَن تَدخُلَ الحَياة، فَاحفَظِ الوَصايا” متى ١٩، ١٧). يعيده يسوع بالتالي إلى الحياة الأرضية ويدله على الطريق ليرث الحياة الأبدية، المحبة الحقيقية للقريب. لكن الشاب يجيب بأن هذا ما كان يفعل دائما، فحدق إليه يسوع بمحبة حيث تعرَّف على تطلع قلب الشاب إلى الكمال وقلقه المفيد الذي يدفعه إلى البحث، ولهذا يشعر إزاءه بالحنان والمحبة.

وواصل البابا فرنسيس أن يسوع يدرك أيضا نقطة ضعف الشاب الغني، فهو متشبث بما لديه من ثراء، ولهذا يدعوه يسوع إلى خطوة ثانية في المسيرة، أي الانتقال من منطق الاستحقاق إلى منطق الهبة حيث قال له “إِذا أَرَدتَ أَن تكونَ كامِلاً، فاذْهَبْ وبعْ أَموالَكَ وأَعْطِها لِلفُقَراء، فَيكونَ لكَ كَنزٌ في السَّماء” (متى ١٩، ٢١). وقال البابا إن يسوع يدعو الشاب هكذا لا إلى ضمان ما بعد الحياة الأرضية بل إلى هبة كل شيء في هذه الحياة مقتديا بالرب. إنها دعوة إلى المزيد من النضج، الانتقال من حفظ الوصايا إلى المحبة المجانية والكاملة، يدعوه يسوع إلى ترك ما يُثقل القلب ويعيق المحبة. ما يقترحه يسوع ليس إنسانا يتجرد من كل شيء بل هو إنسان حر وغني بالعلاقات. وأضاف الأب الأقدس أن القلب حين يكون مكتظا بالخيور فإن الرب والقريب يصبحان شيئين من بين أشياء أخرى، فامتلاكنا الكثير ورغبتنا في الكثير يخنقان القلب ويجعلاننا غير سعداء وغير قادرين على المحبة.

ثم انتقل البابا فرنسيس إلى ما وصفها بالخطوة الثالثة في اقتراح يسوع، المحاكاة، وذلك بقوله “تعالَ فاتبعني”. وتابع الأب الأقدس مستعيرا كلمات البابا الفخري بندكتس الساس عشر في الرسالة العامة “تألق الحقيقة”، حين أكد أن اتِّباع يسوع ليس محاكاة خارجية وذلك لأنه يلمس الإنسان في أعماقه، أن نكون تلاميذ يسوع يعني أن نكون على مثاله. وواصل البابا فرنسيس أننا هكذا سننال حياة غنية وسعيدة، ممتلئة بوجوه الكثير من الأخوة والأخوات، الآباء والأمهات والبنين (راجع متى ١٩، ٢٩). وأضاف قداسته أن اتباع يسوع ليس خسارة بل هو مكسب. ثم عاد البابا إلى الشاب الغني فقال إن قلبه كان منقسما بين سيدين، الله والمال، وقد جعله خوفه من المغامرة وفقدان ماله الكثير يعود إلى بيته حزينا: “فاغتَمَّ لِهذا الكَلامِ وانصَرَفَ حَزيناً” (مرقس ١٠، ٢٢). لم يتردد الشاب في طرح السؤال الحاسم إلا أنه لم يجد الشجاعة لتقبل الإجابة، أي الدعوة إلى الانفصال عن ذاته وعن الثراء للارتباط بالمسيح والسير معه واكتشاف السعادة الحقيقية.

ومن هذا المنطلق ختم قداسة البابا فرنسيس رسالته إلى المشاركين في الدورة الثانية والثلاثين لمهرجان الشباب في مديوغوريه، التي تُعقد من ١ حتى ٦ آب أغسطس، مذكرا الشباب بأن يسوع يقول لكل واحد منهم أيضا “تعالَ فاتبعني”. ودعاهم بالتالي إلى التحلي بشجاعة عيش شبابهم موكلين أنفسهم إلى الرب وسائرين معه، إلى جعل نظرته المُحبة تكسبهم، تلك النظرة التي تحررنا من إغراء الأصنام والغنى الزائف الذي يعد بالحياة لكنه يتسبب في الموت. وواصل البابا داعيا الشباب إلى عدم الخوف من تقبل كلمة المسيح وقبول دعوته، وألا يغتموا مثل الشاب الغني، أن يثبِّتوا النظر على مريم، المثال العظيم لمحاكاة المسيح، والتي أجابت بـ “نَعمها” بدون تحفظ على دعوة الرب. وواصل الأب الأقدس أن حياة مريم هي حياة عطاء كامل للذات، منذ البشارة حتى الآلام حين أصبحت أمنا. وشجع قداسته الشباب على النظر إلى مريم للعثور على القوة ولنيل النعمة كي نتمكن بدورنا من أن نقول للرب “هاءنذا”. تابع البابا فرنسيس داعيا إلى النظر إلى مريم كي نتعلم أن نحمل المسيح إلى العالم مثلما فعلت هي حين أسرعت إلى مساعدة أليصابات يملؤها الحنان والفرح، وكي نجعل حياتنا هبة للآخرين، فقد علمتنا باهتمامها في عرس قانا أن نكون متنبهين إلى الآخرين. لقد كشفت لنا بحياتها أن الفرح هو في إرادة الله والتي ليس قبولها وعيشها سهلا لكنها تجعلنا سعداء. وختم قداسته مذكرا بما كتب في الإرشاد الرسولي “فرح الإنجيل”: “فرح الإنجيل يملأ قلب وكل حياة جميع الذين يلتقون يسوع. مَن يدَعونه يخلصهم يتحررون من الخطيئة والحزن والفراغ الداخلي والعزلة. مع يسوع المسيح يولد الفرح ويولد دائما من جديد”.