“بعد الوباء نحن بحاجة لأعين جديدة لكي ننظر إلى الواقع” هذا ما قاله قداسة البابا فرنسيس في مقابلة أجراها معه المونسنيور داريو فيغانو ونشرها في كتابه الذي صدر حديثًا تحت عنوان ” Lo sguardo: porta del cuore. Il neorealismo tra memoria e attualità “، ويدعو فيها الحبر الأعظم لكي نكتشف مجدّدًا من خلال السينما نظرة نقيّة وأهميّة الحفاظ على الذكرى بالصور.
في جوابه على سؤال حول إشارته أحيانًا لبعض الأفلام في تعليمه وعلاقته الخاصة بالسينما قال البابا فرنسيس تعود ثقافة السينما والأفلام بشكل خاص لوالديّ. عندما كنت طفلاً، كنت أذهب غالبًا إلى سينما الحي، التي كانت تعرض أحيانًا ثلاثة أفلام متتالية. إنها جزء من ذكريات طفولتي الجميلة: لقد علمني والداي الاستمتاع بالفن بأشكاله المختلفة. ففي أيام السبت، على سبيل المثال، كنا نستمع مع والدتي وإخوتي إلى الأوبرا التي كانوا يبثونها على إذاعة راديو ديل إستادو (والتي تُعرف الآن راديو ناسيونال). كانت تجعلنا نجلس بجانب الجهاز وقبل بدء البث، كانت تخبرنا بقصّة الأوبرا التي سنسمعها. عندما كانت بعض المهمّة المهمة على وشك أن تبدأ كانت تنبّهنا: “تنبّهوا هذه أغنية جميلة جدًا”. لقد كان شيئًا رائعًا. ثم كانت هناك أفلام في السينما، طبق فيها والداي الطريقة: كما كانوا يفعلون مع الأوبرا، كانوا يشرحوها لنا ليرشدوننا ويوجّهوننا.
تابع الحبر الأعظم مجيبًا على سؤال حول إن كانت علاقته مع الحركة الثقافية السينمائية ظهرت في إيطاليا في الأربعينات قد ولدت أيضًا في هذا الإطار وقال نعم، من بين الأفلام التي أراد والداي أن نعرفها تمامًا كانت أفلام الواقعية الجديدة. بين سن العاشرة والثانية عشر، أعتقد أنني شاهدت جميع الأفلام آنا مانياني وألدو فابريزي، من بينها فيلم “Roma città aperta” لروبرتو روسيليني، الذي أحببته كثيرًا. بالنسبة لنا نحن الأطفال في الأرجنتين، كانت تلك الأفلام مهمة جدًّا لأنها جعلتنا نفهم بعمق مأساة الحرب العالمية. في بوينس آيرس، تعرفنا على الحرب بشكل خاص من خلال العديد من المهاجرين الذين وصلوا إلى الأرجنتين: الإيطاليون والبولنديون والألمان … لقد فتحت قصصهم أعيننا على مأساة لم نكن نعرفها بشكل مباشر، لكن وبفضل السينما لدينا اكتسبنا وعيًا عميقًا بآثارها ونتائجها.
وخلص البابا فرنسيس مجيبًا على سؤال حول آنية أفلام الواقعية الجديدة وقال إن أفلام الواقعية الجديدة قد شكّلت قلوبنا وما زالت قادرة على ذلك. لا بل يمكنني أن أقول أكثر: لقد علمتنا تلك الأفلام أن ننظر إلى الواقع بعيون جديدة. أنا أقدر كثيرًا أن هذا الكتاب يجسد هذا الجانب الأساسي: القيمة العالمية لتلك السينما وأهميتها كأداة مهمة لمساعدتنا على تجديد نظرتنا إلى العالم.